- 6 -
الإمام المهدي ناصر محمد اليمانيّ
01- جمادي الآخرة - 1428 هـ
16 - 06 - 2007 مـ
01:11 صباحاً
( بحسب التقويم الرسمي لأمّ القرى )

___________


يا معشر الأنصار والباحثين عن الحقيقة ..



بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى جميع المسلمين في العالمين والصلاة والسلام على جميع أنبياء الله ورسله إلى العالمين من أولهم إلى خاتم مسكهم محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثمّ أمّا بعد..

وتالله لا أريدكم أن تكونوا ساذجين فتتّبعوني بغير علمٍ ولا هُدًى ولا كتابٍ منيرٍ، وبيني وبينكم والناس أجمعين هو القرآن العظيم فمن أيّده الله بسلطانه فهو الغالب بالحقّ في القضايا التي بدأتكم في الحوار فيها، فأمّا أصحاب الكهف فعددهم ثلاثة ورابعهم كلبهم.

ويا معشر المسلمين ألم تجدوا قصةً في القُرآن جعل الله أصحاب هذه القصة مجهولين برغم أنّ القرآن إذا تلى القصص يفصّلها تفصيلًا ومن ثم يذكُر اسم النبيّ المرسل إليهم وقريتهم؟ ولكنّنا نجد في القرآن قصةً لقريةٍ مجهولة الموقع والاسم وقومها الساكنين فيها؛ بل قال أصحاب القرية إذ جاءها المُرسَلون والتي أرسل الله إليها اثنين فكذبوهما فعزّزنا بثالث، وقال الله تعالى:
{وَاضْرِ‌بْ لَهُم مَّثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْ‌يَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْ‌سَلُونَ ﴿١٣إِذْ أَرْ‌سَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْ‌سَلُونَ ﴿١٤﴾ قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ‌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّ‌حْمَـٰنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ ﴿١٥﴾ قَالُوا رَ‌بُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْ‌سَلُونَ ﴿١٦﴾ وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴿١٧﴾ قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْ‌نَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْ‌جُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿١٨﴾ قَالُوا طَائِرُ‌كُم مَّعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْ‌تُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِ‌فُونَ ﴿١٩﴾} صدق الله العظيم [يس].

وهنا يبتدئ المُتدبِّر للقرآن: لماذا هذه القصة جعلها الله غامضةً بالنسبة لأصحاب هذه القرية؟ فمن هم قومها؟ وما أسماء المُرسَلين الذين أُرسِلوا إليها؟ فلا بُدّ أن يكون في هذه القصة سرٌّ غير عادي من أسرار القرآن العظيم والتي لا تزال غامضةً على علماء الدين والمسلمين، وأنتم تعلمون بأنّ هناك قصةً لأصحاب الكهف غامضةٌ فلا بُدّ أن تكون لها علاقة بهذه القصة لأصحاب القرية التي قصّها القُرآن علينا بدون ذكِر قومٍ من أصحاب هذه القرية، وما أسماء هؤلاء الرسل الثلاثة الذين أُرسلوا إليها؟ فلماذا هذا الغموض؟! برغم أنّها قصةٌ والقصص واضحةٌ في القرآن كمثل أحسن القَصص (قصة يوسف) والتي كانت قصةً من البداية إلى النهاية، وكذلك جميع قصص القرآن إلّا هذه القرية والتي ابتعث الله إليها اثنين فكذّبوهما فعزّزنا بثالثٍ.

ومن ثم تقومون بالمُقارنة أولًا في نوع التهديد والوعيد الذي خوّف أصحاب هذه القرية رسلهم إن لم ينتهوا عن دعوتهم ويعودوا في ملّتهم بأنهم سوف يرجمونهم ويمسّكم مِنّا عذابٌ عظيمٌ أو يعودوا في ملّتهم تاركين دعوتهم:
{قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْ‌نَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْ‌جُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿١٨﴾ قَالُوا طَائِرُ‌كُم مَّعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْ‌تُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِ‌فُونَ ﴿١٩﴾} صدق الله العظيم.

ومن ثم تنتقلون إلى قصة أصحاب الكهف تجدون بأنّهم تلقَّوا نفس هذا التهديد والوعيد:
{إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا} [الكهف:20].

ومن بعد ذلك تقومون بمقارنةٍ بين العدد الرقميّ للرّسل إلى هذه القرية والذي جعله الله واضحاً وجليّاً. وقال الله تعالى:
{إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} [يس:14].

ومن ثم تنتقلون إلى العدد الرقميّ لأصحاب الكهف والذي جعله الله أيضًاً واضِحًاً وجليًّا لأهل التدبّر والفكر بأنهم ثلاثةٌ ورابعهم كلبهم، وقال الله تعالى:
{سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ۚ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ} صدق الله العظيم [الكهف:22].

فأمّا القول الحقّ هو القول الأول الذي سيقوله اليمانيّ المُنتظر وأنصاره مِمَّا علَّمه ربّه ولم يكُن رجمًا بالغيب، لذلك قال الله تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ}، ولم يَصِفْ الله هذا القول بأنّه رَجمٌ بالغيب؛ بل الأقوال التي قد قيلت من خمسةٍ إلى سبعةٍ وثامنهم كلبهم فهذه الأقوال رَجمٌ بالغيب من غير علمٍ ولا سلطانٍ؛ بل بالظنّ والظنّ لا يغني من الحقّ شيئًا، ولذلك قال تعالى: {وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ}، فهذه أقوالٌ قَد قيلت لذلك قال تعالى: {وَيَقُولُونَ} بمعنى أنّه قد قيل، إذًا هذه الأقوال قد قيلت فأصبحت فعل ماضٍ يا أصحاب اللغة العربيّة، أما القول الحقّ هو القول الأول والذي لم يقُله أحدٌ ولا يزال في عِلم الغَيب حتى يقوله المهديّ المنتظَر وأولياؤه لذلك لم يقل الله: يقولون ثلاثةٌ رابعهم كلبهم؛ بل قال: {سَيَقُولُونَ} بمعنى أنّ هذا القول لم يُقَل بعدُ لذلك قال الله تعالى: {سَيَقُولُونَ} بمعنى أنّ هذا القول لا يزال في عِلم الغيب ولم يُقَل بعدُ، وها هو قد جاء القول الحقّ وقيل، فهل أنتم مؤمنون؟

ولو تدّبرتم قوله تعالى:
{مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ} بمعنى أنّ القول الحقّ هو أقَلّ الأرقام؛ ثلاثة ورابعهم كلبهم، ولا ينبغي أن يكون الرقم أقَل مِن ذلك وذلك لأنّكم إذا نظرتُم في قول المُخاطِب مِن أصحاب الكهف في التّخاطب فيما بينهم تجدونه لا يُخاطِب واحدًا بل اثنين، لذلك قال: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِ‌قِكُمْ هَـٰذِهِ} [الكهف:19]. فهل تبيّن لكم بأنّي حقًّا أعلَم الناس بعددهم والمفتي في أمرهم؟ فهل أنتم مُصَدِّقون؟ وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلًا!


أخوكم في الله الناصر لدين محمدٍ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؛ الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.
______________